مع رفع أذان الظهر كل يوم، يتجه فضل خان (باكستاني) مستندا بيده وقدمه على باب محل الوجبات السريعة الذي يديره (شمال الرياض)، ليمنع دخول المزيد من الزبائن، ومطالبا بصوت مرتفع رفاقه الذين يعملون في الداخل بسرعة تلبية طلب آخر زبون بقي في المحل، وبينما كان كذلك ارتفع صوت مكبر هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر «الصلاة الصلاة.. أغلق المحل هداك الله».
لكن على النقيض من ذلك، يؤكد أحد الموظفين في مطعم شعبي شهير (شمال الرياض)، لـ«عكاظ» عدم رؤيته سيارة الهيئة منذ 3 أعوام الذي اعتاد على رؤيتها تحوم حول المطعم أثناء الصلاة، لافتاً إلى أنه وبالرغم من ذلك فإنه عندما يحين موعد الصلاة يقوم بإغلاق باب المطعم ويبقي على الزبائن الذين لم يفرغوا بعد من الأكل بالداخل، وفي حال رغب أحدهم بالخروج يتم ذلك عن طريق باب خصص للطوارئ في الخلف. ويقول إنه وزملاءه والزبائن في داخل المطعم يصلون في الداخل جماعة، مستدركاً «لا نستطيع أن نخرج الزبائن الذين يأكلون وجباتهم داخل المطعم».
ومنذ قرابة 4 أشهر، اتسعت دائرة الجدل «القديم المتجدد» بين السعوديين حول موضوع «إغلاق المحال وقت الصلاة»، وسط انقسام في الأوساط الفقهية، حول ما إذا كان الإغلاق مرتبطا فقط بصلاة الجمعة أم بجميع الصلوات.
ففي حين ذهب بعض العلماء إلى التأكيد بعدم وجود موانع فقهية أو شرعية لترك المحال مفتوحة، وأن الأمر لا يعدو كونه اجتهادا من قبل هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حذر آخرون من يطالبون بفتح المحال من يوم «التناد».
وتنص اللّائحة التنفيذية لنظام هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي صدرت عام 1407هـ، وتحديدا في الفقرة الثانية من المادة الأولى على أنه «لما كانت الصلاة هي عماد الدين، وسنامه، فيتعين على أعضاء الهيئة مراقبة إقامتها في أوقاتها المحددة شرعاً في المساجد، وحث الناس على المسارعة إلى تلبية النداء إليها، وعليهم التأكد من إغلاق المتاجر، والحوانيت، وعدم مزاولة أعمال البيع خلال أوقات إقامتها».
وقت مستقطع
ووسط مجمع شهير للتسوق في العاصمة الرياض، يلتف طيف من النساء أمام أبواب المحلات التجارية وداخل الممرات في انتظار الانتهاء من الصلاة، بينما يتجه موظفون إلى مصلى السوق، يقبع آخرون بالداخل لإعادة ترتيب محلاتهم وتهيئتها لدخول الزبائن مجددا، ويتجه بعضهم لشرب كوب من القهوة خارج المول، وتدخين سجائر التبغ على عجل.
ويقول مازن الحربي (موظف يعمل في محل قهوة شهير في الرياض) لـ«عكاظ» أنه يتحين موعد دخول الصلاة من أجل أن يأخذ «بريك» يرتاح من خلاله من ضغط العمل، ويبدأ في تصفح هاتفه النقال والدردشة مع بعض الأصدقاء ويتجه أخيرا للحاق بالمصلين.
وفي مكان قريب من مازن ورفاقه، تتوسل الجوهرة موظفات أحد المتاجر الشهيرة بالسماح لها بالدخول لشراء غرض معين على وجه السرعة، وكان ذلك قبل دخول وقت صلاة العشاء بـ10 دقائق، ولكن الموظفات رفضن توسلها، وأصررن على إنهاء الجدل وإغلاق المحل في وجهها، وتوجهت «عكاظ» لسؤال الموظفات عن سبب الإغلاق قبل وقت قصير من موعد الآذان، وقالت إحدى الموظفات على مضض «لا أستطيع تحمل عواقب مخالفة النظام».
وقالت الجوهرة بعد أن استسلمت للأمر الواقع وأخذت مكانها بجوار المحل، إنها كانت متوجهة لحفلة زفاف، وقبل وصولها لمكان الحفلة تنبهت أنها تفتقد غرضا معينا، وأمرت سائقها بالتوجه سريعا لهذا المحل خصيصا والذي قدمت إليه من مكان بعيد جنوب الرياض «كنت في الطريق أحسب الدقائق والثواني من أجل الوصول قبل موعد الأذان، ولكن للأسف الآن أنا مضطرة للانتظار نصف ساعة أو أكثر».
وفي ثنايا الجدل القائم حول إغلاق المحلات التجارية وقت الصلاة، جدد الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الدكتور عبدالرحمن السند موقف جهازه - في بيان نشره موقع الهيئة الرسمي على «تويتر» أخيراً- بالتأكيد على ضرورة الإغلاق كون «عدم الالتهاء عن الصلاة بالبيع والشراء من تعظيم شأنها»، مضيفاً أن «من إقامة الصلاة؛ الأمر بها، والحث عليها، والتحذير من التهاون في أدائها، ومن ذلك؛ الأمر بها في الأسواق، والمحلات، والأماكن العامة».
في المقابل، يعتبر الرئيس السابق لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في مكة المكرمة الدكتور أحمد الغامدي، ما جاء في لائحة الهيئة في ذلك الوقت «اجتهادا ليس مبنيا على نظام»، مستشهداً بأن اللائحة التنفيذية لهيئة الأمر بالمعروف تصدر من الرئيس العام للهيئة.
ويقول الغامدي لـ«عكاظ» إن ما حصل عام 1407هـ، عندما صدرت اللائحة وتضمنت مادة تدعو للتأكد من إغلاق المحلات وقت الصلاة، أصبحت فيما بعد بمثابة «عرف»، مشيراً إلى أن المسألة في الجانب القانوني ليس لها نظام صادر، إضافة إلى أن نظام الهيئة الأساسي لا ينص على إغلاق المحال وقت الصلاة.
وطالب إمام وخطيب مسجد قباء في المدينة المنورة صالح المغامسي، عبر حسابه على موقع التواصل «تويتر»، من يطالبون بعدم إغلاق المحال التجارية في أوقات الصلاة، بالكف عن ذلك «حتى لا يلقوا الله وهم على ذلك»، مضيفاً «إني أخاف عليكم يوم التناد».
لكن الدكتور الغامدي الذي سبق وأن تولى منصباً قيادياً في الهيئة شدد على أن إغلاق المحال من الناحية القانونية ليس له مستند إلا باجتهاد من وضعوا اللائحة التنفيذية لعمل الهيئة، موضحاً أنه من الناحية الشرعية «فإن هذا الأمر هو محل خلاف بين العلماء».
عرف سعودي
ويصر الدكتور الغامدي على وصف إغلاق المحلات وقت الصلاة بـ«العرف» في المملكة بعد أن كانت مسألة خلافية، موضحاً أن الآية التي جاءت صراحة في صلاة الجمعة هي أمر يدل على وجوب السعي إلى الجمعة.
ويضيف «ولكن حتى في صلاة الجمعة لم يؤثر بمعاقبة الناس ولا إغلاق المحال، فالمسألة برمتها لا تعدو كونها اجتهادا من الهيئة ليس له أي مستند شرعي وقانوني صحيح، والقول بأن الأمر بوجوب السعي إلى الجمعة ينطبق على باقي الأيام، قول غير صحيح، فالنص كان واضحا بالنداء ليوم الجمعة فقط».
إيقاف الشوارع وقت الصلاة
وقبل صدور اللائحة التنفيذية للهيئة عام 1407هـ، كان بعض المحتسبين يأمرون بإغلاق المحال وقت الصلاة بدون مستند قانوني، وإنما كعمل احتسابي يقومون به وما ساعدهم في ذلك هو بساطة الحياة آنذاك، وقلة المحال التجارية التي لم تكن بهذه الضخامة في هذا الوقت، حتى أن أحدهم نادى بإيقاف الشوارع وقت الصلاة ولكن لم ينفذ هذا الأمر لصعوبة تطبيقه، كما أنه لم يكن في ذلك الوقت عقوبات أو أخذ تعهدات على أصحاب المتاجر، أو حتى إحالة إلى المحكمة لمن لم يغلق محله، إنما كان هناك نوع من الاحترام بين التجار والمحتسبين ينظم المسألة.
ويؤكد الغامدي أنه من المقرر بين أهل العلم، أن المسائل المختلف فيها لا إنكار فيها و«مثل هذه المسألة التي اختلف فيها العلماء لا يلزم أحد برأي الآخر، فهناك من يقول بالوجوب فيحترم رأيه، وهناك من يرى بأنها سنة وأيضا يحترم رأيه، ولكن من الصعوبة بمكان أن يتم إلزام الناس بها».
ويلفت آل منسي إلى أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، مضيفاً «ومن ذلك وضع الصيدليات ومحطات البنزين التي يحتاجها الناس وتقع فيها ضرورات مستمرة ووضع النساء في الأسواق عندما يحين وقت الصلاة وتغلق المحلات ويضطررن للبقاء في الطرقات وعلى الأرصفة حتى ينتهي وقت الصلاة».
وقال آل منسي، لـ «عكاظ»، إن التأسيس الذي بُني عليه هذا الإلزام لا يخلو من اعتراضات، منها: أن تعظيم الشعائر بما لم يرد فيه تشريع -كما هو الحال في مسألتنا- لا يجب أن يكون عن طريق الإجبار والإلزام لأن إغلاق المحلات لأجل تعظيم الصلاة ليس واجبا شرعا فمن أراد أن يغلق محله تعظيما فله ذلك دون أن يتم إجبار الجميع، كون المسألة خلافية. ويرفض آل منسي اتهام من يدعون إلى عدم إلزام المحلات بالإغلاق وقت الصلاة بـ «محاولة تزهيد للناس عن أداء الصلاة وتقليل من فضل صلاة الجماعة في المسجد»، مؤكداً أن الأحكام ثابتة وراسخة وستظل كذلك «ولكن إلزام الناس بالقوة هو محل الخلاف، وحتى لو تم إقرار عدم إغلاق المحلات وقت الصلاة فإنه لا يجوز شرعا ولا نظاما أن يمنع صاحب المحل عامله من أداء الصلاة في محله أو في جماعة السوق كما كان عليه الحال على مر التاريخ الإسلامي».
ويؤكد رجل الأعمال، الذي فضل عدم ذكر اسمه لحساسية القضية، لـ«عكاظ» أن عملية إغلاق المحلات وقت الصلاة «مختلفة عن السابق» وذلك لتوظيف عدد هائل من النساء و«يمكن أن أتحدث عن الكثير من المشاكل الأمنية والاقتصادية المترتبة على ذلك».
وقال إنه من وجهة نظر اقتصادية فإن عملية الإغلاق اليوم لا تشجع الاستثمار الأجنبي الجاد للعمل في المملكة، وذلك بسبب أن المستثمرين الأجانب يعيرون أهمية للوقت، فعندما تقطع من إنتاجية الموظف 20 أو 30 دقيقة أربع مرات يوميا، فإن المستثمرين يعتبرون أن ذلك إخلال بنظام العمل في الشركة.
لكن على النقيض من ذلك، يؤكد أحد الموظفين في مطعم شعبي شهير (شمال الرياض)، لـ«عكاظ» عدم رؤيته سيارة الهيئة منذ 3 أعوام الذي اعتاد على رؤيتها تحوم حول المطعم أثناء الصلاة، لافتاً إلى أنه وبالرغم من ذلك فإنه عندما يحين موعد الصلاة يقوم بإغلاق باب المطعم ويبقي على الزبائن الذين لم يفرغوا بعد من الأكل بالداخل، وفي حال رغب أحدهم بالخروج يتم ذلك عن طريق باب خصص للطوارئ في الخلف. ويقول إنه وزملاءه والزبائن في داخل المطعم يصلون في الداخل جماعة، مستدركاً «لا نستطيع أن نخرج الزبائن الذين يأكلون وجباتهم داخل المطعم».
ومنذ قرابة 4 أشهر، اتسعت دائرة الجدل «القديم المتجدد» بين السعوديين حول موضوع «إغلاق المحال وقت الصلاة»، وسط انقسام في الأوساط الفقهية، حول ما إذا كان الإغلاق مرتبطا فقط بصلاة الجمعة أم بجميع الصلوات.
ففي حين ذهب بعض العلماء إلى التأكيد بعدم وجود موانع فقهية أو شرعية لترك المحال مفتوحة، وأن الأمر لا يعدو كونه اجتهادا من قبل هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حذر آخرون من يطالبون بفتح المحال من يوم «التناد».
وتنص اللّائحة التنفيذية لنظام هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي صدرت عام 1407هـ، وتحديدا في الفقرة الثانية من المادة الأولى على أنه «لما كانت الصلاة هي عماد الدين، وسنامه، فيتعين على أعضاء الهيئة مراقبة إقامتها في أوقاتها المحددة شرعاً في المساجد، وحث الناس على المسارعة إلى تلبية النداء إليها، وعليهم التأكد من إغلاق المتاجر، والحوانيت، وعدم مزاولة أعمال البيع خلال أوقات إقامتها».
وقت مستقطع
ووسط مجمع شهير للتسوق في العاصمة الرياض، يلتف طيف من النساء أمام أبواب المحلات التجارية وداخل الممرات في انتظار الانتهاء من الصلاة، بينما يتجه موظفون إلى مصلى السوق، يقبع آخرون بالداخل لإعادة ترتيب محلاتهم وتهيئتها لدخول الزبائن مجددا، ويتجه بعضهم لشرب كوب من القهوة خارج المول، وتدخين سجائر التبغ على عجل.
ويقول مازن الحربي (موظف يعمل في محل قهوة شهير في الرياض) لـ«عكاظ» أنه يتحين موعد دخول الصلاة من أجل أن يأخذ «بريك» يرتاح من خلاله من ضغط العمل، ويبدأ في تصفح هاتفه النقال والدردشة مع بعض الأصدقاء ويتجه أخيرا للحاق بالمصلين.
وفي مكان قريب من مازن ورفاقه، تتوسل الجوهرة موظفات أحد المتاجر الشهيرة بالسماح لها بالدخول لشراء غرض معين على وجه السرعة، وكان ذلك قبل دخول وقت صلاة العشاء بـ10 دقائق، ولكن الموظفات رفضن توسلها، وأصررن على إنهاء الجدل وإغلاق المحل في وجهها، وتوجهت «عكاظ» لسؤال الموظفات عن سبب الإغلاق قبل وقت قصير من موعد الآذان، وقالت إحدى الموظفات على مضض «لا أستطيع تحمل عواقب مخالفة النظام».
وقالت الجوهرة بعد أن استسلمت للأمر الواقع وأخذت مكانها بجوار المحل، إنها كانت متوجهة لحفلة زفاف، وقبل وصولها لمكان الحفلة تنبهت أنها تفتقد غرضا معينا، وأمرت سائقها بالتوجه سريعا لهذا المحل خصيصا والذي قدمت إليه من مكان بعيد جنوب الرياض «كنت في الطريق أحسب الدقائق والثواني من أجل الوصول قبل موعد الأذان، ولكن للأسف الآن أنا مضطرة للانتظار نصف ساعة أو أكثر».
وفي ثنايا الجدل القائم حول إغلاق المحلات التجارية وقت الصلاة، جدد الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الدكتور عبدالرحمن السند موقف جهازه - في بيان نشره موقع الهيئة الرسمي على «تويتر» أخيراً- بالتأكيد على ضرورة الإغلاق كون «عدم الالتهاء عن الصلاة بالبيع والشراء من تعظيم شأنها»، مضيفاً أن «من إقامة الصلاة؛ الأمر بها، والحث عليها، والتحذير من التهاون في أدائها، ومن ذلك؛ الأمر بها في الأسواق، والمحلات، والأماكن العامة».
في المقابل، يعتبر الرئيس السابق لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في مكة المكرمة الدكتور أحمد الغامدي، ما جاء في لائحة الهيئة في ذلك الوقت «اجتهادا ليس مبنيا على نظام»، مستشهداً بأن اللائحة التنفيذية لهيئة الأمر بالمعروف تصدر من الرئيس العام للهيئة.
ويقول الغامدي لـ«عكاظ» إن ما حصل عام 1407هـ، عندما صدرت اللائحة وتضمنت مادة تدعو للتأكد من إغلاق المحلات وقت الصلاة، أصبحت فيما بعد بمثابة «عرف»، مشيراً إلى أن المسألة في الجانب القانوني ليس لها نظام صادر، إضافة إلى أن نظام الهيئة الأساسي لا ينص على إغلاق المحال وقت الصلاة.
وطالب إمام وخطيب مسجد قباء في المدينة المنورة صالح المغامسي، عبر حسابه على موقع التواصل «تويتر»، من يطالبون بعدم إغلاق المحال التجارية في أوقات الصلاة، بالكف عن ذلك «حتى لا يلقوا الله وهم على ذلك»، مضيفاً «إني أخاف عليكم يوم التناد».
لكن الدكتور الغامدي الذي سبق وأن تولى منصباً قيادياً في الهيئة شدد على أن إغلاق المحال من الناحية القانونية ليس له مستند إلا باجتهاد من وضعوا اللائحة التنفيذية لعمل الهيئة، موضحاً أنه من الناحية الشرعية «فإن هذا الأمر هو محل خلاف بين العلماء».
عرف سعودي
ويصر الدكتور الغامدي على وصف إغلاق المحلات وقت الصلاة بـ«العرف» في المملكة بعد أن كانت مسألة خلافية، موضحاً أن الآية التي جاءت صراحة في صلاة الجمعة هي أمر يدل على وجوب السعي إلى الجمعة.
ويضيف «ولكن حتى في صلاة الجمعة لم يؤثر بمعاقبة الناس ولا إغلاق المحال، فالمسألة برمتها لا تعدو كونها اجتهادا من الهيئة ليس له أي مستند شرعي وقانوني صحيح، والقول بأن الأمر بوجوب السعي إلى الجمعة ينطبق على باقي الأيام، قول غير صحيح، فالنص كان واضحا بالنداء ليوم الجمعة فقط».
إيقاف الشوارع وقت الصلاة
وقبل صدور اللائحة التنفيذية للهيئة عام 1407هـ، كان بعض المحتسبين يأمرون بإغلاق المحال وقت الصلاة بدون مستند قانوني، وإنما كعمل احتسابي يقومون به وما ساعدهم في ذلك هو بساطة الحياة آنذاك، وقلة المحال التجارية التي لم تكن بهذه الضخامة في هذا الوقت، حتى أن أحدهم نادى بإيقاف الشوارع وقت الصلاة ولكن لم ينفذ هذا الأمر لصعوبة تطبيقه، كما أنه لم يكن في ذلك الوقت عقوبات أو أخذ تعهدات على أصحاب المتاجر، أو حتى إحالة إلى المحكمة لمن لم يغلق محله، إنما كان هناك نوع من الاحترام بين التجار والمحتسبين ينظم المسألة.
ويؤكد الغامدي أنه من المقرر بين أهل العلم، أن المسائل المختلف فيها لا إنكار فيها و«مثل هذه المسألة التي اختلف فيها العلماء لا يلزم أحد برأي الآخر، فهناك من يقول بالوجوب فيحترم رأيه، وهناك من يرى بأنها سنة وأيضا يحترم رأيه، ولكن من الصعوبة بمكان أن يتم إلزام الناس بها».
محامٍ: درء المفاسد مقدم على جلب المصالح
يرى عضو النيابة العامة السابق المحامي نايف آل منسي، أن إغلاق المحلات وقت الصلاة ينتج عنه مفاسد وحرج عند البعض على الرغم من أن مؤيدي الإغلاق يرون في الأمر «تعظيماً للصلاة، ومن أجل تمكين أصحاب المحلات من أداء الصلاة في جماعة المسجد، لافتاً إلى أن في تأييدهم مصالح معتبرة شرعا ولا شك في ذلك».ويلفت آل منسي إلى أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، مضيفاً «ومن ذلك وضع الصيدليات ومحطات البنزين التي يحتاجها الناس وتقع فيها ضرورات مستمرة ووضع النساء في الأسواق عندما يحين وقت الصلاة وتغلق المحلات ويضطررن للبقاء في الطرقات وعلى الأرصفة حتى ينتهي وقت الصلاة».
وقال آل منسي، لـ «عكاظ»، إن التأسيس الذي بُني عليه هذا الإلزام لا يخلو من اعتراضات، منها: أن تعظيم الشعائر بما لم يرد فيه تشريع -كما هو الحال في مسألتنا- لا يجب أن يكون عن طريق الإجبار والإلزام لأن إغلاق المحلات لأجل تعظيم الصلاة ليس واجبا شرعا فمن أراد أن يغلق محله تعظيما فله ذلك دون أن يتم إجبار الجميع، كون المسألة خلافية. ويرفض آل منسي اتهام من يدعون إلى عدم إلزام المحلات بالإغلاق وقت الصلاة بـ «محاولة تزهيد للناس عن أداء الصلاة وتقليل من فضل صلاة الجماعة في المسجد»، مؤكداً أن الأحكام ثابتة وراسخة وستظل كذلك «ولكن إلزام الناس بالقوة هو محل الخلاف، وحتى لو تم إقرار عدم إغلاق المحلات وقت الصلاة فإنه لا يجوز شرعا ولا نظاما أن يمنع صاحب المحل عامله من أداء الصلاة في محله أو في جماعة السوق كما كان عليه الحال على مر التاريخ الإسلامي».
رجل أعمال: التوقفات تقلق المستثمرين
ويرى أحد رجال الأعمال البارزين أن التوجه الحكومي لتحديد ساعات العمل في الأسواق، يحتم إيقاف عملية إغلاق المحلات وقت الصلاة - خصوصا صلاتي المغرب والعشاء-، مستدلاً بأن الدقائق والثواني مسحوبة جداً في إنتاجية الموظف «وهذا الأمر يسبب معضلة لدى التجار».ويؤكد رجل الأعمال، الذي فضل عدم ذكر اسمه لحساسية القضية، لـ«عكاظ» أن عملية إغلاق المحلات وقت الصلاة «مختلفة عن السابق» وذلك لتوظيف عدد هائل من النساء و«يمكن أن أتحدث عن الكثير من المشاكل الأمنية والاقتصادية المترتبة على ذلك».
وقال إنه من وجهة نظر اقتصادية فإن عملية الإغلاق اليوم لا تشجع الاستثمار الأجنبي الجاد للعمل في المملكة، وذلك بسبب أن المستثمرين الأجانب يعيرون أهمية للوقت، فعندما تقطع من إنتاجية الموظف 20 أو 30 دقيقة أربع مرات يوميا، فإن المستثمرين يعتبرون أن ذلك إخلال بنظام العمل في الشركة.